responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير الرازي = مفاتيح الغيب أو التفسير الكبير نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 12  صفحه : 423
وَإِذَا كَانَ كَذَلِكَ وَجَبَ أَنْ يَخْرُجَ عَنِ الْعُهْدَةِ. قَالَ: وَقَوْلُهُ إِذا حَلَفْتُمْ فِيهِ دَقِيقَةٌ وَهِيَ التَّنْبِيهُ عَلَى أَنَّ تَقْدِيمَ الْكَفَّارَةِ قَبْلَ الْيَمِينِ لَا يَجُوزُ، وَأَمَّا بَعْدَ الْيَمِينِ وَقَبْلَ الْحِنْثِ فَإِنَّهُ يَجُوزُ.
ثُمَّ قَالَ تَعَالَى: وَاحْفَظُوا أَيْمانَكُمْ وَفِيهِ وَجْهَانِ: الْأَوَّلُ: الْمُرَادُ مِنْهُ قَلِّلُوا الْأَيْمَانَ وَلَا تُكْثِرُوا مِنْهَا قَالَ كُثَيِّرٌ:
قَلِيلُ الْأَلَايَا حَافِظٌ لِيَمِينِهِ ... وَإِنْ سَبَقَتْ مِنْهُ الْأَلِيَّةُ برت
فدل قوله (وإن سبقت منه الألية) على أن قوله (حافظ ليمينه) وصف منه له بأنه لا يحلف. الثاني:
واحفظوا أيمانكم إذا حلفتم عن الحنث لئلا تحتاجوا إلى التكفير، واللفظ محتمل للوجهين، إلا أن على هذا التقدير يكون مخصوصا
بقوله عَلَيْهِ السَّلَامُ: «مَنْ حَلَفَ عَلَى يَمِينٍ فَرَأَى غَيْرَهَا خَيْرًا مِنْهَا فَلْيَأْتِ الَّذِي هُوَ خَيْرٌ ثم ليكفر عن يمينه» .
ثم قال تعالى: كَذلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آياتِهِ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ والمعنى ظاهر، والكلام في لفظ لعلّ تقدم مرارا.

[سورة المائدة (5) : آية 90]
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصابُ وَالْأَزْلامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ (90)
اعْلَمْ أَنَّ هَذَا هُوَ النَّوْعُ الثَّالِثُ مِنْ الْأَحْكَامِ الْمَذْكُورَةِ فِي هَذَا الْمَوْضِعِ، وَوَجْهُ اتِّصَالِهِ بِمَا قَبْلَهُ أَنَّهُ تَعَالَى قَالَ فِيمَا تَقَدَّمَ لَا تُحَرِّمُوا طَيِّباتِ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكُمْ إِلَى قَوْلِهِ وَكُلُوا مِمَّا رَزَقَكُمُ اللَّهُ حَلالًا طَيِّباً [المائدة:
87، 88] ثُمَّ لَمَّا كَانَ مِنْ جُمْلَةِ الْأُمُورِ الْمُسْتَطَابَةِ الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ لَا جَرَمَ أَنَّهُ تَعَالَى بَيَّنَ أَنَّهُمَا غَيْرُ دَاخِلَيْنِ فِي الْمُحَلَّلَاتِ، بَلْ فِي الْمُحَرَّمَاتِ.
وَاعْلَمْ أَنَّا قَدْ ذَكَرْنَا فِي سُورَةِ الْبَقَرَةِ مَعْنَى الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ وَذَكَرْنَا مَعْنَى الْأَنْصَابِ وَالْأَزْلَامِ فِي أَوَّلِ هَذِهِ السُّورَةِ عِنْدَ قَوْلِهِ وَما ذُبِحَ عَلَى النُّصُبِ وَأَنْ تَسْتَقْسِمُوا بِالْأَزْلامِ [المائدة: 3] فَمَنْ أَرَادَ الِاسْتِقْصَاءَ فَعَلَيْهِ بِهَذِهِ الْمَوَاضِعِ.
وَفِي اشْتِقَاقِ لَفْظِ الْخَمْرِ وَجْهَانِ: الْأَوَّلُ: سُمِّيَتِ الْخَمْرُ خَمْرًا لِأَنَّهَا خَامَرَتِ الْعَقْلَ، أَيْ خَالَطَتْهُ فَسَتَرَتْهُ، وَالثَّانِي: قَالَ ابْنُ الْأَعْرَابِيِّ: تُرِكَتْ فَاخْتَمَرَتْ، أَيْ تَغَيَّرَ رِيحُهَا، وَالْمَيْسِرُ هُوَ قِمَارُهُمْ فِي الْجَزُورِ، وَالْأَنْصَابُ هِيَ آلِهَتُهُمُ الَّتِي نَصَبُوهَا يَعْبُدُونَهَا، وَالْأَزْلَامُ سِهَامٌ مَكْتُوبٌ عَلَيْهَا خَيْرٌ وَشَرٌّ.
وَاعْلَمْ أَنَّهُ تَعَالَى وَصَفَ هَذِهِ الْأَقْسَامَ الْأَرْبَعَةَ بِوَصْفَيْنِ: الْأَوَّلُ: قَوْلُهُ رِجْسٌ وَالرِّجْسُ فِي اللُّغَةِ كُلُّ مَا اسْتُقْذِرَ مِنْ عَمَلٍ. يُقَالُ: رَجُسَ الرَّجُلُ رِجْسًا ورجس إِذَا عَمِلَ عَمَلًا قَبِيحًا، وَأَصْلُهُ مِنَ الرَّجْسِ بِفَتْحِ الرَّاءِ، وَهُوَ شِدَّةُ الصَّوْتِ. يُقَالُ: سَحَابٌ رَجَّاسٌ إِذَا كَانَ شَدِيدَ الصَّوْتِ بِالرَّعْدِ فَكَانَ الرَّجْسُ هُوَ الْعَمَلُ الَّذِي يَكُونُ قَوِيَّ الدَّرَجَةِ كَامِلَ الرُّتْبَةِ فِي الْقُبْحِ.
الْوَصْفُ الثَّانِي: قَوْلُهُ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطانِ وَهَذَا أَيْضًا مُكَمِّلٌ لِكَوْنِهِ رِجْسًا لِأَنَّ الشَّيْطَانَ نَجَسٌ خَبِيثٌ لِأَنَّهُ كَافِرٌ وَالْكَافِرُ نَجَسٌ لِقَوْلِهِ إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ [التَّوْبَةِ: 28] وَالْخَبِيثُ لَا يَدْعُو إِلَّا إِلَى الْخَبِيثِ لِقَوْلِهِ

نام کتاب : تفسير الرازي = مفاتيح الغيب أو التفسير الكبير نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 12  صفحه : 423
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست